سورة لقمان‏

 

قوله تعالى ‏{‏وَمِن الناسِ مَن يَشتَري لَهوَ الحَديثِ‏}‏ قال الكلبي ومقاتل‏:‏ نزلت في النضر بن الحارث‏.‏

وذلك أنه كان يخرج تاجراً إلى فارس فيشتري أخبار الأعاجم فيرويها ويحدث بها قريشاً ويقول لهم‏:‏ إن محمداً عليه الصلاة والسلام يحدثكم بحديث عاد وثمود وأنا أحدثكم بحديث رستم واسفنديار وأخبار الأكاسرة فيستملحون حديثه ويتركون استماع القرآن فنزلت فيه هذه الآية‏.‏

وقال مجاهد‏:‏ نزلت في شراء القيان والمغنيات‏.‏

أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المقرئ قال‏:‏ أخبرنا محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة قال‏:‏ أخبرنا جدي قال‏:‏ أخبرنا علي بن حجر قال‏:‏ أخبرنا مشمعل بن ملحان الطائي عن مطرح بن يزيد عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ لا يحل تعليم المغنيات ولا بيعهن وأثمانهن حرام وفي مثل هذا نزلت هذه الآية ‏{‏وَمِنَ الناسِ مَن يَشتَري لَهوَ الحَديثِ لِيُضِلَّ عَن سَبيلِ اللهِ‏}‏ إلى آخر الآية‏.‏

وما من رجل يرفع صوته بالغناء إلا بعث الله تعالى عليه شيطانين أحدهما على هذا المنكب والآخر على هذا المنكب فلا يزالان يضربان بأرجلهما حتى يكون هو الذي يسكت‏.‏

وقال ثور بن أبي فاختة عن أبيه عن ابن عباس‏:‏ نزلت هذه الآية في رجل اشترى جارية تغنيه قوله تعالى ‏{‏وَإِن جاهَداكَ عَلى أَن تُشرِكَ بي‏}‏ نزلت في سعد بن أبي وقاص على ما ذكرناه في سورة العنكبوت‏.‏

قوله تعالى ‏{‏وَاِتَّبِع سَبيلَ مَن أَنابَ إِلَيَّ‏}‏‏.‏

نزلت في أبي بكر رضي الله عنه قال عطاء عن ابن عباس‏:‏ يريد أبا بكر وذلك أنه حين أسلم أتاه عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وعثمان وطلحة والزبير فقالوا‏:‏ لأبي بكر رضي الله عنه‏:‏ آمنت وصدقت محمداً عليه الصلاة والسلام فقال أبو بكر‏:‏ نعم فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فآمنوا وصدقوا فأنزل الله تعالى يقول لسعد ‏{‏وَاِتَّبِع سَبيلَ مَن أَنابَ إِلَيَّ‏}‏ يعني أبا بكر رضي الله عنه‏.‏

قوله تعالى ‏{‏وَلَو أَنَّما في الأَرضِ مِن شَجَرَةٍ أَقلامٌ‏}‏ قال المفسرون‏:‏ سألت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الروح فأنزل الله ‏{‏وَيَسئَلونَكَ عَنِ الرُوحِ قُلِ الرُوح ُمِن أَمرِ رَبّي وَما أُوتيتُم مِّنَ العِلمِ إِلّا قَليلاً‏}‏ فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أتاه أحبار اليهود فقالوا‏:‏ يا محمد بلغنا عنك أنك تقول ‏{‏وَما أُوتيتُم مِّنَ العِلمِ إِلاّ قَليلاً‏}‏ أفتعنينا أم قومك فقال‏:‏ كلاً قد عنيت قالوا‏:‏ ألست تتلو فيما جاءك أنا قد أوتينا التوراة وفيها علم كل شيء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ هي في علم الله سبحانه قليل ولقد آتاكم الله تعالى ما إن عملتم به انتفعتم به فقالوا‏:‏ يا محمد كيف تزعم هذا أنت تقول ‏{‏وَمَن يُؤتَ الحِكمَةَ فَقَد أُوتِيَ خَيراً كَثيراً‏}‏ وكيف يجتمع هذا علم قليل وخير كثير فأنزل الله تعالى ‏{‏وَلَو أَنَّما في الأَرضِ مِن شَجَرَةٍ أَقلامٌ‏}‏ الآية‏.‏

قوله تعالى ‏{‏إِنَّ اللهَ عِندَهُ عِلمُ الساعَةِ‏}‏ نزلت في الحارث بن عمرو بن حارثة بن محارب بن حفصة من أهل البادية أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الساعة ووقتها وقال‏:‏ إن أرضنا أجدبت فمتى ينزل الغيث وتركت امرأتي حبلى فماذا تلد وقد علمت أين ولدت فبأي أرض أموت فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد المؤذن قال‏:‏ أخبرنا محمد بن حمدون بن الفضل قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن الحسين الحافظ قال‏:‏ أخبرنا حمدان السلمي قال‏:‏ حدثنا النضر بن محمد قال‏:‏ حدثنا عكرمة قال‏:‏ حدثنا إياس بن سلمة قال‏:‏ حدثني أبي أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل بفرس له يقودها عقوق ومعها مهرة له يبيعها فقال له‏:‏ من أنت قال‏:‏ أنا نبي الله قال‏:‏ ومن نبي الله قال‏:‏ رسول الله قال متى تقوم الساعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ غيب ولا يعلم الغيب إلا الله قال‏:‏ ما في بطن فرسي هذه قال‏:‏ غيب ولا يعلم الغيب إلا الله قال‏:‏ أرني سيفك فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم سيفه فهزه الرجل ثم رده إليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ أما إنك لم تكن تستطيع الذي أردت قال‏:‏ وقد كان الرجل قال‏:‏ أذهب إليه فأسأله عن هذه الخصال ثم أخبرنا أبو عبد الله بن إسحاق قال‏:‏ أخبرنا أبو عمرو محمد بن جعفر بن مطر قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عثمان بن أبي سويد قال‏:‏ حدثنا أبو حذيفة قال‏:‏ حدثنا سفيان الثوري عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ مفاتيح الغيب خمسة لا يعلمهم إلا الله تعالى لا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله ولا يعلم‏:‏ ما تغيض الأرحام إلا الله ولا يعلم ما في غد إلا الله ولا يعلم بأي أرض تموت إلا الله ولا يعلم متى ينزل الغيث إلا الله‏.‏

رواه البخاري عن محمد بن يوسف عن سفيان‏.‏


من كتاب أسباب النزول - للإمام أبى الحسن النيسابورى
المصدر : موقع طريق القرآن